الأحد، 15 يناير 2017

جرعة صيانة (1)

تجري الأيام بسرعة، مؤمنة أنا بأن عدد ساعات اليوم ...اليوم، أقل منها قبل عشرون عاماً ربما.. و لكن ما أدراني أنا! 
نظرت حولي فجأة لأستدرك أنني قضيت في هذا المكان أربعة أعوام... يا إلهي، فاجأني أحدهم اليوم في الصيدلية بقوله أنه زارني و أخذ (تركيبة) لحساسية المت به و تعاونت مع زوجته عليه لتفقده سكينة النوم و اعقب حديثه بالقول أن(التركيبة) (نفعت)، و كان من المفترض أن يعود ليقابلني حسب طلبي (قبل عامين).. إلا أنه اعتذر بإنشغاله حينها..و طلب مُسكناً لألم ظهر لزوجته و خرج.
صدقني... لم أكن لأتذكر هذا، أعاني من ذاكرة انتقائية، تختار و تصطفي ما يحلو لها لتحجز له فيها مقعد... و لكني تفاجأت،  عامين؟! خرج الرجل دون أن أشاركه خواطري، غير أنني فكرت أن ابحث عن نفسي في مرآة، لا أدري لماذا،أخرجت مرآتي من حقيبة يدي.. تمعنت في وجهي،  هذه هي... تجعيدة صغيرة بجانب فمي...غريبة هذه الحياة، ادفع ثمن(لطافتي) و كثرة ابتساماتي ب(تجعيدة)..لا يهم مجرد خط زمني آخر، اليوم هذه و غداً (شيبة) و بعدها..احتاج لمقشر يَلْطفُ ببشرتي،لِمُرطِبْ، لواقٍ شمسي، لــ...إلهي،  لراحة بالٍ!
انزلت مرآتي إلى داخل حقيبتي، رفعت رأسي بإطمئنان.. تفاجأت به، مبتسماً إبتسامة تليق بعدو شامت..أحسست بأنه سمع افكاري، بأن نظره يخترقني، بأنني أود أن... أغلق نوافذ روحي التي يطل بي عليها... بأنني.. احتاج لأتنفس..
= (أخدي نفس.. ما تقومي تقعي).
جررت نَفَسِي بهدوء نزولاً عند طلبه،و طلب عقلي للهواء،  جمعت أطراف مشاعري.. سألت نفسي(إنسُ ام جان في صورة ملاك؟!)
=(داير رانسيد (300).. عندكم؟!)
- ناولته صامتة، غريبة حروف اللغة..تخذلني كثيراً..أعرف أشخاص مثلها، يعاملونني بهذا الجفاء.
مد لي قيمة العلاج صامتاً، وضعته في الدرج.. ثم أنصرف، بكل هدوء كما أتى، لا يُسمع له وقع أقدام.. خرجت من(الكاونتر) للجهة الأخرى، كالمنومة مغناطيسياً، كنت أقف هناك لأتاكد..(هل هو من أصحاب الظل؟)**
ماذا دهاني.. لا أدري،  بل أوقن بأن حياتي بعد هذا اليوم لن تعود كما كانت.
نسيت أن اذكر بأنني أملك قدرات على تهويل الأمور في عقلي بشكل مبالغ فيه، فكما خط الزمن على وجه ال26 عاماً هذا التجعيدة.. أوقن بأن (دراما) ما حضرتها في زمن قاصٍ قد آتت أًُكلها...فحولتني لــ...هذه الشخصية.
يتجه إلى سيارة، فجأة توقف..وضع يده على جيبه، اكمل تفتيش جيوبه، استدار ناحيتي.. لا أدري متى وجدت نفسي خلف الكاونتر من جديد.. شكراً قدمي.. خذلني لساني و حروفي قبل لحظات و... انقذتني أقدامي، هل رآني؟! يا إلهي..ما بالي اليوم اتصرف بغرابة؟! سألوم قهوة (عم عثمان) الصباحية،  فقد كانت عكرة..
عاد بخفة،  كنت قد أعطيته ظهري إدعاءاً بأنشغالي...فاجأني بكلمة (المفتاح)..أخذ شيئاً من زجاج الكاونتر و... خرج.
مارست هوايتي المفضلة أمامه (الصمت)..و لكن ماذا كان بإمكاني أن أقول، كُنتُ لأصنف أي كلام يصدر مني بأنه...(حماقة).
قاطعت روشتة مرمى نظري، استيقظتُ، مفعول الروشتات على عقلي مذهل، يفوق أثر الكافيين في صباحاتي التَعِبة، استجمعت عقلي، ركزت.. تلقائياً امتدت يدي بتحضير المطلوب..انتهت توجيهات طريقة إستخدام الدواء.. خرج مرافق المريض.. فعدت لطريقي قبل دقائق.. من كان ذلك؟! 

هناك 4 تعليقات:

  1. جمــــــــــيل ..
    اللغة سلسـة والاسلوب رائـع ..إستمتعت جدا ..انتظر البقـية ..استمـري ♡

    ردحذف
    الردود
    1. مرورك اسعدني، سعادة لا توصف... جُزيتي خيراً ...تحياتي لكِ.

      حذف
  2. الصمت هو في حد زاتو لغه غالبه على القصه
    يطفئ عليها جمال مع سرد لوقائع تخلي الواحد كأنو عايش داخلها
    في انتظار باقي الجرعات والله يستر من الشبكه تحياتي

    ردحذف
    الردود
    1. هههههههههه و حذارِ من الأوفر دوز!
      الله يحييك... و جزاك الله خيراً.. مرورك اسعدني..

      حذف